منتدى ليبياأرس منتدى ليبياأرس منتدى ليبياأرس

العودة   منتدى ليبياأرس > أقســـــام مخـتـلـفـــــة > مواضيع إسلامية عامة

مواضيع إسلامية عامة القرآن الكريم - السنة - أحاديث - شريعة - فقه - إسلاميات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 2010-10-04, 07:28 PM   #1
عبسي الحمديني
مبرمج المستحيل
 
الصورة الرمزية عبسي الحمديني
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: Libya
المشاركات: 2,924
معدل تقييم المستوى: 17
عبسي الحمديني على الطريق الصحيح لتعريف نفسه
افتراضي المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

ترك المهاجرون مكة المكرمة فرارا بدينهم وهربا من العذاب الذي لحق بهم ، بعد أن خلفوا كل شيء وراءهم ، فقد تركوا أموالهم ، بل ومنهم من افتدى نفسه بالمال ، وتركوا أهليهم ، وانتقلوا إلى مكان غريبين عنه ، فنظر رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، ورأى ما أحل بأصحابه من الكآبة والحزن ، وما أصيبوا من وحشة ووحدة ، فهم قد نزلوا ضيوفا على الأنصار ، فإلى متى يحلون ضيوفا عندهم ؟ ولهذا كله ، فقد جمع رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، أصحابه من المهاجرين والأنصار ، في بيت أبي طلحة الخزرجي ، وآخى بينهم ، لتذهب عنهم وحشة الغربة وليؤنسهم عن مفارقة الأهل والوطن والعشيرة ، ويشد بعضهم أزر بعض ويتوارثون بعد الممات دون الأرحام ، وبهذا وصل الرسول الكريم ، صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى مجتمع متعاون متكافل متضامن ، تسوده المحبة والأثرة ، وتنتفي منه الضغينة والأنانية ، هذا وقد آخى رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، بين أبي بكر رضي الله عنه ، وخارجة بن زيد ن فأصبحا أخوين ، وبين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، وأوس ابن ثابت ، وبين طلحة بن عبيد الله وكعب بن مالك ، وبين الزبير بن العوام وسلمة بن سلامة ، وبين سعيد بن زيد وأبي بن كعب ، وبين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع ، وبين أبي عبيدة بن الجراح وأبي طلحة الأنصاري ، وبين مصعب بن عمير وأبي أيوب ، وبين حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة ، وبين جعفر بن أبي طالب وهو بالحبشة وبين معاذ بن جبل ، وبين عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان ، وبين سلمان الفارسي وأبي الدرداء وغيرهم ، ثم دخل علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه ،فقال : يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد ؟ فأخذ رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، بيده ، وقال له : " أنت أخي في الدنيا والآخرة " . وقد رضي الأنصار عن قناعة وإطمئنان ، بما فعل رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فأكرموا المهاجرين إكراما عظيما ، حيث آثروهم على أنفسهم ، وضربوا بذلك أروع الأمثلة في التضحية والإيثار فهم قد رفضوا أن يشاركوا المهاجرين في الغنائم ، عندما عرض عليهم رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ،أن يقسموا للمهاجرين في دورهم وأموالهم لهم ، ويقسم الغنائم بين الجانبين بالتساوي ، أو تبقى دور الأنصار وأموالهم لهم ، ويعطي الغنائم للمهاجرين . فما كان رضهم رضي الله عنهم ؟ أجابوه بقولهم : يا رسول الله ، نقسم لهم ي ديارنا وأموالنا ، ولا نشاركهم في الغنائم ، فأنزل الله سبحانه وتعالى في مدحهم قوله

والذين تبوؤا الدار (1) والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا تجدون في صدورهم حاجة (2) مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة (3) ومن يوق (4) شح نفسه فأولئك هم المفلحون 5

ومن صور الأثرة والتضحية بالمال ، ما فعله الأنصاري سعد بن الربيع مع عبد الرحمن بن عوف ، رضي الله عنهما ، فقد انطلق سعد ، بعد أن آخى رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، بينه وبين عبد الرحمن بن عوف ، إلى داره وقال له : يا عبد الرحمن ، أنا أكثر أهل المدينة مالا وأقلهم عيالا ، فانظر إلى أي شطر {6} من مالي فخذه ثم انظر إلى امرأتي هاتين ، أيتهما تعجبك حتى أطلقها فتتزوج بها ، فقال عبد الرحمن بن عوف : بارك الله لك في أهلك ومالك ، دلوني على السوق ، فدلوه ، فذهب إليه وباع واشترى حتى ربح ربحا وفيرا فأثرى واغتنى . أما التوارث بين المهاجرين والأنصار ، فقد نسخ بعد معركة بدر في السنة الثانية بقوله تعالى

وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم 7

وبقيت فيما بينهم المودة والمحبة والإخاء والتعاون على الحق والنصر ، والأخذ على يد الظالم . وكان رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، يؤاخي بين المهاجرين والأنصار ، كلما أتى إلى المدينة بعض المهاجرين ، فالمؤاخاة لم تقع دفعة واحدة ، إلى أن عز الإسلام واجتمع شمل المهاجرين ، وذهبت الوحشة عنهم . لكن صفاء الجو هذا بين المهاجرين والأنصار ، لم يكن يخلو من كدر أو هم وحزن ، سببه اليهود المقيمون في المدينة ن والذين حسدوا محمدا ، صلى الله عليه وآله وسلم ، حسدا عظيما فأضمروا الشر والخديعة ، وحاولوا بعث الفتنة من جيدي بين الأوس والخزرج لولا أن تداركهم رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، بقوله لهم : " الله الله يا معشر المسلمين ن اتقوا الله ، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام ؟ " كما أسلم بعضهم نفاقا ليعيثوا فسادا في جسد المسلمين ، وساعد هؤلاء اليهود جماعة من عرب المدينة المنورة ، الذين أظهروا إسلامهم ، وأضمروا كفرهم وعداءهم للإسلام ولرسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى رأس هؤلاء : عبد الله بن أبي الخزرجي ، لكن الله عز وجل كشف زيف إيمانهم ، وعراهم على حقيقتهم ، بقوله تعالى

إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقون لكاذبون اتخذوا إيمانهم جنة (8) فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون 9
__________________

عبسي الحمديني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-10-04, 07:31 PM   #2
BLOODY ROAR
دكتور رابد
 
الصورة الرمزية BLOODY ROAR
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: ليبيا
المشاركات: 6,993
معدل تقييم المستوى: 21
BLOODY ROAR على الطريق الصحيح لتعريف نفسه
افتراضي

مجهود رائع بارك الله فيك يا باد بوى
__________________
BLOODY ROAR غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-10-04, 07:31 PM   #3
عبسي الحمديني
مبرمج المستحيل
 
الصورة الرمزية عبسي الحمديني
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: Libya
المشاركات: 2,924
معدل تقييم المستوى: 17
عبسي الحمديني على الطريق الصحيح لتعريف نفسه
افتراضي ~-.¸¸,.-~*احداث عام الفيل وميلاد المصطفى *·~-.¸¸,.-~*

بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمـــــــــــــــه

][®][^][®][عام الفيل ][®][^][®][


محمد بن عبد الله (( صلى الله عليه وسلم ))

ولد في عام الفيل الذي حدثت فيه المعركة العظيمة بين الله عز وجل وأبرهة ،

وانهزم جيش أبرهة وولوا الأدبار، وتسامعت العرب أجمعين

في كل الجزيرة بل وخارج الجزيرة بالكارثة العظيمة السماوية التي أصابت أبرهة وجيشه

وحجارة من السماء لا شك أنه شيء مستغرب للغاية وعجيب،

فاتجهت أنظار العالم إلى المكان الذي حدثت فيه هذه القارعة، وهو مكة ،

وصارت الأضواء متجهة إلى مكة والكعبة وقريش في عام الفيل،

فالله عز وجل جعل أنظار الناس تتجه إلى مكة في عام الفيل؛

لأن هناك حدثاً آخر سيتم في هذا العام وهو ولادة النبي عليه الصلاة والسلام.

فصارت ولادته في عام الفيل الذي اتجهت أنظار العالم كله إلى مكة بسبب حادثة أبرهة ؛

لأن حادثة أبرهة كانت شيئاً فوق الوصف،كانت شيئاً عجيباً،

طير تحمل حجارة ترجم أفيالاً وتهلك الأفيال ومن عليها،

ولذلك كان شيئاً قيظه الله تعالى لتأتي الأضواء والناس يعظمون الكعبة،

وتصبح لقريش مكانة؛ لأن من قريش سيبعث النبي الذي سيدعو قريشاً ويدعو العرب وفي مكة ،

ولذلك كانت بداية توجيه الأنظار توطئة لحادثة الفيل

لكي يولد النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك العام،

ويحفظ الناس ذلك العام جيداً وكل أحداث العام، وفيه الولادة النبوية،

ثم بعد ذلك تأتي حليمة لتأخذه،

وتأتي هذه الخيرات والبركات،

ويصبح أمره عليه الصلاة والسلام منتشراً منذ صغره،

هكذا يسير الله تعالى الأحداث لكي تتركز الأذهان،

والأنظار تتجه إلى الأحداث المتعلقة بهذا النبي الكريم وتاريخ النبي الكريم منذ ولادته.
__________________

عبسي الحمديني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-10-04, 07:32 PM   #4
عبسي الحمديني
مبرمج المستحيل
 
الصورة الرمزية عبسي الحمديني
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: Libya
المشاركات: 2,924
معدل تقييم المستوى: 17
عبسي الحمديني على الطريق الصحيح لتعريف نفسه
افتراضي


عــــــام الفيل

كان سبب قصة أصحاب الفيل - على ما ذكر محمد بن إسحاق - أن أبرهة بن الصباح كان عاملا للنجاشي ملك الحبشة على اليمن فرأى الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة - شرفها الله - فبنى كنيسة بصنعاء . وكتب إلى النجاشي " إني بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها ، ولست منتهيا حتى أصرف إليها حج العرب " فسمع به رجل من بني كنانة فدخلها ليلا . فلطخ قبلتها بالعذرة . فقال أبرهة من الذي اجترأ على هذا ؟ قيل رجل من أهل ذلك البيت سمع بالذي قلت . فحلف أبرهة ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها . وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك فسأله أن يبعث إليه بفيله . وكان له فيل يقال له محمود لم ير مثله عظما وجسما وقوة . فبعث به إليه . فخرج أبرهة سائرا إلى مكة . فسمعت العرب بذلك فأعظموه ورأوا جهاده حقا عليهم . فخرج ملك من ملوك اليمن ، يقال له ذو نفر . فقاتله . فهزمه أبرهة وأخذه أسيرا فلما أراد قتله قال له ذو نفر أيها الملك لا تقتلنى واستبقنى، خيرا لك ، فاستبقاه وأوثه . وكان أبرهة رجلا حليما . فسار حتى إذا دنا من بلاد خثعم خرج إليه نفيل بن حبيب الخثعمي ، ومن اجتمع إليه من قبائل العرب . فقاتلوهم فهزمهم أبرهة . فأخذ نفيلا ، فقال له أيها الملك إنني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة . فاستبقني خيرا لك . فاستبقاه . وخرج معه يدله على الطريق. فلما مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف . فقال له أيها الملك نحن عبيدك . ونحن نبعث معك من يدلك . فبعثوا معه بأبي رغال مولى لهم . فخرج حتى إذا كان بالمغمس مات أبو رغال ، وهو الذي يرجم قبره . وبعث أبرهة رجلا من الحبشة - يقال له الأسود بن مفصود - على مقدمة خيله وأمر بالغارة على نعم الناس . فجمع الأسود إليه أموال الحرم . وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير . ثم بعث رجلا من حمير إلى أهل مكة ، فقال أبلغ شريفها أنني لم آت لقتال بل جئت لأهدم البيت . فانطلق فقال لعبد المطلب ذلك . فقال عبد المطلب : ما لنا به يدان . سنخلي بينه وبين ما جاء له . فإن هذا بيت الله. وبيت خليله إبراهيم . فإن يمنعه فهو بيته وحرمه . وإن يخل بينه وبين ذلك فوالله ما لنا به من قوة . قال فانطلق معي إلى الملك - وكان ذو نفر صديقا لعبد المطلب - فأتاه فقال يا ذا نفر هل عندك غناء فيما نزل بنا ؟ فقال ما غناء رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة أو عشيا ، ولكن سأبعث إلى أنيس سائس الفيل فإنه لي صديق فأسأله أن يعظم خطرك عند الملك . فأرسل إليه فقال لأبرهة إن هذا سيد قريش يستأذن عليك . وقد جاء غير ناصب لك ولا مخالف لأمرك ، وأنا أحب أن تأذن له.وكان عبد المطلب رجلا جسيما وسيما . فلما رآه أبرهة أعظمه وأكرمه . وكره أن يجلس معه على سريره . وأن يجلس تحته . فهبط إلى البساط فدعاه فأجلسه معه . فطلب منه أن يرد عليه مائتي البعير التي أصابها من ماله .فقال أبرهة لترجمانه قل له إنك كنت أعجبتني حين رأيتك . ولقد زهدت فيك . قال لم ؟ قال جئت إلى بيت - هو دينك ودين آبائك ، وشرفكم وعصمتكم - لأهدمه . فلم تكلمني فيه وتكلمني في مائتي بعير ؟ قال أنا رب الإبل . والبيت له رب يمنعه منك . فقال ما كان ليمنعه مني . قال فأنت وذاك . فأمر بإبله فردت عليه . ثم خرج وأخبر قريشا الخبر . وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ويتحرزوا في رءوس الجبال خوفا عليهم من معرة الجيش . ففعلوا . وأتى عبد المطلب البيت . فأخذ بحلقة الباب وجعل يقول
يا رب لا أرجو لهم سواكا يا رب فامنع منهم و حماكا
إن عدو البيت من عاد اكا ف امنعهم و أن يخربوا قراكا
وقال أيضا : لا هم إن المرء يمــــــــنع رحله وحلاله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهــــم و محالهم غدوا محالك
جروا جموعهم وبلادهم والفيل كي يسبوا عيالك
إن كنت تاركهم وكعـ بتنا فأمر ما بدا لك
ثم توجه في بعض تلك الوجوه مع قومه . وأصبح أبرهة بالمغمس قد تهيأ للدخول . وعبأ جيشه . وهيأ فيه . فأقبل نفيل إلى الفيل . فأخذ بأذنه . فقال ابرك محمود . فإنك في بلد الله الحرام . فبرك الفيل فبعثوه فأبى . فوجهوه إلى اليمن ، فقام يهرول . ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك . ووجهوه إلى المشرق ففعل ذلك . فصرفوه إلى الحرم فبرك . وخرج نفيل يشتد حتى صعد الجبل فأرسل الله طيرا من قبل البحر مع كل طائر ثلاثة أحجار . حجران في رجليه وحجر في منقاره . فلما غشيت القوم أرسلتها عليهم . فلم تصب تلك الحجارة أحدا إلا هلك . وليس كل القوم أصابت . فخرج البقية هاربين يسألون عن - 36 - نفيل ليدلهم على الطريق إلى اليمن . فماج بعضهم في بعض . يتساقطون بكل طريق ويهلكون على كل منهل . وبعث الله على أبرهة داء في جسده . فجعلت تساقط أنامله حتى انتهى إلى صنعاء وهو مثل الفرخ . وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ثم هلك .

__________________

عبسي الحمديني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-10-04, 07:36 PM   #5
عبسي الحمديني
مبرمج المستحيل
 
الصورة الرمزية عبسي الحمديني
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: Libya
المشاركات: 2,924
معدل تقييم المستوى: 17
عبسي الحمديني على الطريق الصحيح لتعريف نفسه
افتراضي <<هاجوج وماجوج >>

ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 83-98.

القصة:

لا نعلم قطعا من هو ذو القرنين. كل ما يخبرنا القرآن عنه أنه ملك صالح، آمن بالله وبالبعث وبالحساب، فمكّن الله له في الأرض، وقوّى ملكه، ويسر له فتوحاته.
بدأ ذو القرنين التجوال بجيشه في الأرض، داعيا إلى الله. فاتجه غربا، حتى وصل للمكان الذي تبدو فيه الشمس كأنها تغيب من وراءه. وربما يكون هذا المكان هو شاطئ المحيط الأطلسي، حيث كان يظن الناس ألا يابسة وراءه. فألهمه الله – أو أوحى إليه- أنه مالك أمر القوم الذين يسكنون هذه الديار، فإما أن يعذهم أو أن يحسن إليهم.
فما كان من الملك الصالح، إلا أن وضّح منهجه في الحكم. فأعلن أنه سيعاقب المعتدين الظالمين في الدنيا، ثم حسابهم على الله يوم القيامة. أما من آمن، فسيكرمه ويحسن إليه.
بعد أن انتهى ذو القرنين من أمر الغرب، توجه للشرق. فوصل لأول منطقة تطلع عليها الشمس. وكانت أرضا مكشوفة لا أشجار فيها ولا مرتفات تحجب الشمس عن أهلها. فحكم ذو القرنين في المشرق بنفس حكمه في المغرب، ثم انطلق.
وصل ذو القرنين في رحلته، لقوم يعيشون بين جبلين أو سدّين بينهما فجوة. وكانوا يتحدثون بلغتهم التي يصعب فهمها. وعندما وجدوه ملكا قويا طلبوا منه أن يساعدهم في صد يأجوج ومأجوج بأن يبني لهم سدا لهذه الفجوة، مقابل خراج من المال يدفعونه له.
فوافق الملك الصالح على بناء السد، لكنه زهد في مالهم، واكتفى بطلب مساعدتهم في العمل على بناء السد وردم الفجوة بين الجبلين.
استخدم ذو القرنين وسيلة هندسية مميزة لبناء السّد. فقام أولا بجمع قطع الحديد ووضعها في الفتحة حتى تساوى الركام مع قمتي الجبلين. ثم أوقد النار على الحديد، وسكب عليه نحاسا مذابا ليلتحم وتشتد صلابته. فسدّت الفجوة، وانقطع الطريق على يأجوج ومأجوج، فلم يتمكنوا من هدم السّد ولا تسوّره. وأمن القوم الضعفاء من شرّهم.
بعد أن انتهى ذو القرنين من هذا العمل الجبار، نظر للسّد، وحمد الله على نعمته، وردّ الفضل والتوفيق في هذا العمل لله سبحانه وتعالى، فلم تأخذه العزة، ولم يسكن الغرور قلبه.
يقول سيّد قطب رحمه الله: "وبذلك تنتهي هذه الحلقة من سيرة ذي القرنين. النموذج الطيب للحاكم الصالح. يمكنه الله في الأرض, وييسر له الأسباب; فيجتاح الأرض شرقا وغربا; ولكنه لا يتجبر ولا يتكبر, ولا يطغى ولا يتبطر, ولا يتخذ من الفتوح وسيلة للغنم المادي، واستغلال الأفراد والجماعات والأوطان, ولا يعامل البلاد المفتوحة معاملة الرقيق; ولا يسخر أهلها في أغراضه وأطماعه.. إنما ينشر العدل في كل مكان يحل به, ويساعد المتخلفين, ويدرأ عنهم العدوان دون مقابل; ويستخدم القوة التي يسرها الله له في التعمير والإصلاح, ودفع العدوان وإحقاق الحق. ثم يرجع كل خير يحققه الله على يديه إلى رحمة الله وفضل الله, ولا ينسى وهو في إبان سطوته قدرة الله وجبروته, وأنه راجع إلى الله." (في ظلال القرآن).
أما ماهيّة يأجوج ومأجوج، وموطنهم وصفتهم، فالأحاديث فيها كثيرة، ومنها ما هو صحيح ومنها ما هو مرفوع وغير ذلك. لذا نتوقف عن الخوض في هذا الموضوع
__________________

عبسي الحمديني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-10-04, 07:38 PM   #6
عبسي الحمديني
مبرمج المستحيل
 
الصورة الرمزية عبسي الحمديني
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: Libya
المشاركات: 2,924
معدل تقييم المستوى: 17
عبسي الحمديني على الطريق الصحيح لتعريف نفسه
افتراضي * مسيلمة الكذاب



مسلمة بن حبيب الملقّب بالكذاب رجل من بني حنيفة، يقال إن اسمه مسلمة وأن المؤرخين المسلمين يذكرونه باسم مسيلمة استحقاراً له كان قد تسمى بالرحمان فكان يقال له رحمان اليمامة، وكان يعمل كثيراً من أعمال الدجل، وادعى النبوة في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشهد له أحد أتباعه أنه سمع الرسول يقول: أنه أشرك معه مسيلمة في الأمر، وتابعه كثير من أهل اليمامة، وخاصة من بني حنيفة، وكان يدعي الكرامات، ويقول المسلمون ( فأظهر الله كذبه ولصق به لقب الكذاب، وأراد إظهار كرامات تشبه معجزات النبي ، فقد ذكر ابن كثير في البداية أنه بصق في بئر فغاض ماؤها، وفي أخرى فصار ماؤها أجاجاً، وسقى بوضوئه نخلا فيبست، وأتى بولدان يبرك عليهم فمسح على رؤسهم فمنهم من قرع رأسه ومنهم من لثغ لسانه، ودعا لرجل أصابه وجع في عينيه فمسحهما فعمي.و تزوج من سجاح, مدعية النبوه أيضا
قتل في حديقة الموت بمعركة اليمامة أيام خلافة ابي بكر ، وقيل إن عمره حينئذ كان يناهز مائة وخمسين سنة، وقيل: إن الذي قتله وحشي بن حرب قاتل حمزة بن عبد المطلب يوم معركة أحد، عندما ادَّعى "مسيلمة الكذاب" النبوة قال له أتباعه: "إن محمدًا صلى الله عليه وسلم يقرأ قرآنًا يأتيه من السماء فاقرأ علينا شيئًا مما يأتيك من السماء"، فقال لهم "يا ضفدع يا ضفدعين .. نُقِّي ما تَنُقِّين .. نصفُكِ في الماء ونصفك في الطين"، فتقزز أتباعه مما سمعوا وعلموا أنه ليس وحي سماء بل هذيان معتوه، وانبرى له من بينهم أحد الأعراب قائلاً "والله إني لأعلم أنك كذَّاب، وأعلم أن محمدًا صادقٌ، ولكن كذابُ ربيعة أحبُ إليَّ من صادق مضر"..


0
0
0

حروب الردة، للدكتور شوقي أبو خليل، ص84-99 باختصار


0
0
0

قال مسيلمة لأتباعه وقومه قبيل المعركة الفاصلةبينه وبين المسلمين

اليوم يوم الغيرة، اليوم إن هزمتم تُستنكح النساء سبيات، وينكحن غير حظيات، فقاتلوا عن أحسابكم وأمنعوا نسائكم.

وتقدم خالد رضي الله عنه بالمسلمين حتى نزل بهم على كثيب يُشرف على اليمامة فضرب به عسكره، وقدم رايته مع زيد بن الخطاب، وراية المُهاجرين مع سالم مولى أبي حُذيفة، وهو على الميمنة، وعلى الميسرة شجاع بن وهب، وعلى الخيل البراء بن مالك ثم عزله واستعمل عليهاأسامة بن زيد ، وقاتل البراء راجلاً، ثم أعاده خالد على قيادة الخيل فصنع الأعاجيب.وكانت راية الأنصار مع ثابت بن قيس بن شماس، والعرب على راياتها.

وكانت الصدمة الأولى في المعركة عنيفة قاسية، انهزم الأعراب خلالها، حتى دخلت بنو حنيفة خيمة خالد، وهموا بقتل أم تميم زوجته. وتنادى كبار الصحابة وقال ثابت بن قيس بن شماس: بئس ما عودتم أقرانكم، و نادوا من كل جانب: أخلصنا يا خالد، فخلصت ثلة من المهاجرين والأنصار، وصار البراء بن معرور كالأسد الثائر، وقاتلت بنو حنيفة قتالاً لم يعهد مثله، وجعلت الصحابة يتواصون بينهم ويقولون: يا أصحاب سورة البقرة، بَطُلَ السحر اليوم، وحفر ثابت بن قيس لقدميه في الأرض إلى أنصاف ساقيه، وهو حامل لواء الأنصار بعد ما تحنط وتكفن فلم يزل ثابتاً حتى استشهد رضي الله عنه.

وقال المهاجرون لسالم مولى أبي حذيفة: أتخشى أن نُؤتي من قِبَلَك؟ فقال: بئس حامل القرآن أنا إذاً. وقال زيد بن الخطاب: أيها الناس، عضوا على أضراسكم واضربوا في عدوكم وامضوا قُدُماً،وقال: والله لا أتكلم حتى يهزمهم الله أو ألقى الله فأُكلمه بحجتي، فقتل شهيداً رضي الله عنه.

وحمل خالد بن الوليد رضي الله عنه حتى اخترق صفوف المرتدين ووصل قُبالة مسيلمة، وجعل يترقب أن يصل إليه فيقتله ثم رجع، ثم وقف بين الصفين ودعا للمبارزة،ثم نادى بِشعار المسلمين، وكان شعارهم يومئذ: يا محَّمداه، وجعل لا يبرز إليه أحد من المرتدين إلا قتله، ولا يدنو منه شيء إلا صرعه،واقترب خالد رضي الله عنه من مسيلمة، وعرض عليه النصف والرجوع إلى الحق فأبى، فانصرف عنه خالد وعزل الأعراب عن المهاجرين والأنصار، وجعل كل قبيلة على رايتها يقاتلون تحتها، حتى يعرف الناس من أين يُؤتون، وصبرت الصحابة في هذا الموطن صبراً لم يعهد مثله، ولم يزالوا يتقدمون إلى نحور عدوهم حتى فتح الله عليهم وولى المرتدون الأدبار.

وتبع المسلمون المرتدين يقتلون منهم وهم مدبرون، ويضعون السيوف في رقابهم حيث شاؤوا، حتى ألجؤوهم إلى حديقة الموت، وقد أشار عليهم محكم بن الطفيل بدخلوها، فدخلوها وفيها مسيلمة، وأدرك عبد الرحمن بن أبي بكر محكم بن الطفيل فرماه بسهم في عنقه وهو يخطب فقتله، وقال قائل: يا أبا ثمامة، أين ما كنت وعدتنا؟ فقال أبو ثمامة - أي مسيلمة -: أما الدين فلا دين،ولكن قاتلواعن أحسابكم، فاستيقن القوم أنهم كانوا على غيرشيئ.وأغلقت بنو حنيفة الحديقة عليهم، وأحاط بهم الصحابة.

وقال البراء بن مالك:يامعشر المسلمين ألقوني عليهم في الحديقة،فاحتملوه فوق التروس، ورفعوها بالرماح حتى ألقوه عليهم،فلم يزل يقاتلهم دون بابها حتى فتحه، ودخل المسلمون الحديقة من الباب الذي فتحه البراء، وفتح الذين دخلوا الأبواب الأخرى، وحوصر المرتدون وأدركوا أنها القاضية لا محالة.

ووصل المسلمون في الحديقة إلى مسيلمة، وإذا هو واقف في ثلمة جدار كأنه جمل أورق، يخرج الزبدُ من شدقيه من غيظه وحرج موقفه وانهيار بنيان زعامته، فتقدم وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم - قاتل حمزة رضي الله عنه - فرماه بحربته فأصابه، وخرجت من الجانب الآخر، وسارع إليه أبو دجانة سماك بن خرشة فضربه بالسيف فسقط فنادت امرأة من قصر مسيلمة: واأمير الوضاءة قتله العبد الأسود (أي وحشي).

يقول وحشي: فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة، خرجت معهم، وأخذت حربتي التي قتلت بها حمزة، فلما التقى الناس، رأيت مسيلمة الكذاب قائماً في يده السيف وما أعرفه، فتهيأت له، وتهيأ له رجل من الأنصار من الناحية الأخرى، كلانا يُريده، فهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه، فوقعت فيه، وشد عليه الأنصاري - عبد الله بن زيد - بالسيف فربُك أعلم أينا قتله، فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قتلت شر الناس.



0
0
__________________

عبسي الحمديني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-10-04, 07:39 PM   #7
عبسي الحمديني
مبرمج المستحيل
 
الصورة الرمزية عبسي الحمديني
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: Libya
المشاركات: 2,924
معدل تقييم المستوى: 17
عبسي الحمديني على الطريق الصحيح لتعريف نفسه
افتراضي



0
0
0
هي سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التميمية من بني يربوع، أم صادر( - نحو 55 ه‍ =... - نحو 675 م ) وعشيرتها سكنت العراق منذ دهر مجهول وقد اعتنقت عشيرتها المسيحية منذ بداياتها,وكانت هي على دين النصرانية وعلى قدر من العلم بها.
كانت شاعرة أديبة عارفة بالأخبار، رفيعة الشأن في قومها، ‏.نبغت في عهد الردة (أيام أبي بكر)، وادعت النبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه. تبعها في دعوتها جمع من عشيرتها، وقد عزموا على غزو (أبي بكر الصديق). فلما مرت ببلاد بني تميم دعتهم إلى أمرها فاستجاب لها عامتهم. وكان ممن استجاب لها مالك بن نويرة التميمي وعطارد بن حاجب والزبرقان بن بدر.
قال عطارد بن حاجب:
أمست نبيتنا أنثى نطيف بها = وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا


إلا أن مالك بن نويرة لما وادعها ثناها عن عودها وحرضها على بني يربوع ثم اتفق الجميع على قتال الناس وقالوا بمن نبدأ فقالت لهم:
أعدوا الركاب واستعدوا للنهاب ثم أغيروا على الرباب فليس دونهم حجاب.
ثم إنهم تعاهدوا على نصرها. فقال قائل منهم:
أتتنا أخت تغلب في رجال = جلائب من سراة بني أبينا
وأرست دعوة فينا سفاها=وكانت من عمائر آخرينا
فما كنا لنرزيهم زبال= وما كانت لتسلم إذ أتينا

ثم إن ( سجاح) قصدت بجنودها اليمامة لتأخذها من (مسيلمة بن حبيب الكذاب) فهابه قومها وقالوا إنه قد استفحل أمره وعظم فقالت لهم فيما تقوله:
عليكم باليمامة دفوا دفيف الحمامة فإنها غزوة صرامة لا تلحقكم بعدها ملامة
فعمدوا لحرب مسيلمة. فلما سمع بمسيرها إليه خافها على بلاده وذلك أنه مشغول بمقاتلة ثمامة بن أثال وقد ساعده عكرمة بن أبي جهل بجنود المسلمين وهم نازلون ببعض بلاده ينتظرون قدوم خالد. فبعث إليها يستأمنها ويضمن لها أن يعطيها نصف الأرض الذي كان لقريش. ثم راسلها ليجتمع بها في طائفة من قومه فركب إليها في أربعين من قومه وجاء إليها فاجتمعا في خيمة. فلما خلا بها وعرض عليها ما عرض من نصف الأرض وقبلت ذلك، قال مسيلمة :
سمع الله لمن سمع وأطمعه بالخير إذا طمع ولا يزال أمره في كل ما يسر مجتمع رآكم ربكم فحياكم ومن وحشته أخلاكم ويوم دينه أنجاكم فأحياكم علينا من صلوات معشر أبرار لا أشقياء ولا فجار يقومون الليل ويصومون النهار لربكم الكبار رب الغيوم والأمطار... لما رأيت وجوههم حسنت وأبشارهم صفت وأيديهم طفلت قلت لهم لا النساء تأتون ولا الخمر تشربون ولكنكم معشر أبرار تصومون.
فقالت: أنت ما أوحى إليك قال:
( ألم تر إلى ربك كيف فعل بالحبلى , أخرج منها نسمة تسعى , من بين صفاق وحشى)
قالت: وماذا أيضا قال: ( أوحى إلى أن الله خلق النساء أفراجا , وجعل الرجال لهن أزواجا .فنولج فيهن إيلاجا ,ثم نخرجها إذا نشاء إخراجا , فينتجن لنا سخالا إنتاجا)
قالت: أشهد أنك نبي!
قال هل لك أن أتزوجك فآكل بقومي وقومك العرب؟ قالت: نعم.
. أقامت عنده ثلاث ايام، ثم انصرفت إلى قومها. فقالوا ما عندك؟ قالت كان على الحق فاتبعته فتزوجته. قالوا فهل أصدقك شيئا؟ قالت لا. قالوا ارجعي إليه فقبيح بمثلك أن ترجع بغير صداق. فرجعت فلما رآها مسيلمة أغلق الحصن. ثم قال لها، مالك؟ قالت أصدقني صداقا. قال من مؤذنك؟ قالت شبث بن ربعي الرياحي. قال علي به. فجاء. فقال ناد في أصحابك أن مسيلمة ابن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد، صلاة العشاء الآخرة وصلاة الفجر.
مع الأيام بدأت (سجاح) تسترد وعيها وتدرك فداحة الوهم الذي كان يسيطر عليها. اقتنعت بصعوبة الإقدام على قتال المسلمين، فانصرفت راجعة إلى أخوالها في الموصل. بعد بفترة وجيزة بلغها مقتل مسيلمة. لهذا فأنها أسلمت، ثم قررت أن تهجر الموصل ورحلت إلى البصرة حيث استقرت باقي عمرها حتى توفيت فيها. وصلى عليها (سمرة بن جندب) والي البصرة التابع لمعاوية.
وكان من جملة ما تدّعي انّه الوحي قولها: «يا أيّها المؤمنون المتّقون لنا نصف الأرض وتعريش نصفها ولكن قريشاً قوم يبغون''

0
__________________

عبسي الحمديني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-10-04, 07:41 PM   #8
عبسي الحمديني
مبرمج المستحيل
 
الصورة الرمزية عبسي الحمديني
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: Libya
المشاركات: 2,924
معدل تقييم المستوى: 17
عبسي الحمديني على الطريق الصحيح لتعريف نفسه
افتراضي بلال بن رباح الحبشي



بلال بن رباح الحبشي



ونشر الليل أبراده، وانعقد مجلس الشيخ أبي معاذ، وافتتح حديثه قائلاً: ولنا مع بلال في هذه الأمسية، ما نقطع به وحشة الليل، ووجومه.

فلقد انتشر النبأ في أطراف مكة أن بلال بن رباح الحبشي مولى أمية بن خلف قد أسلم، وعلم مولاه بهذا الخبر، وعظم عليه، وفكر في أمره، وكيف يؤدبه ؟ ولقد ثقل عليه أن تلوك العرب بيته، وترميه بتحدي آلهتها.

وفي حمة الغضب أرسل على بلال. ومثل بلال بين يديه.

ماذا يريد مني مولاي؟

لقد هالني ما يتحدث به العرب في مكة من أن بلالاً صبا لدين يتيم قريش أهذا حقاً؟.

ووجم بلال، وطافت على سحنته سحابة حزن ماذا يقول؟

أينكر الحقيقة، أم يجابه مولاه بالصراحة، وعسى اللّه أن يفتح عليه بالفرج.

فصمت بلال دقائق معدودات، وكان سكوته بمثابة جواب صريح لأمية، إنه - جواب العقيدة - واضح في معالمه وقسماته لقد ارتسم الجواب على وجهه جلياً.

واستشاط أمية غضباً فصرخ بوجه بلال أتسكت وفي عينيك الجواب الصريح؟

وشهر السيف في وجهه يلوح له بالقتل، والشر يتطاير من كل جارحة فيه.

ونطق بلال، وفي نطقه رنة إيمان، وصدق عزيمة وتجمل بالصبر.

يا أمية لا ترهقن نفسك آمنت برب محمد، وانخرطت في دعوته وأنا متحمل كل ما يترتب على ذلك.

وكان هذا الجواب بمثابة قنبلة فجرها بلال في كيان مولاه فما أن سمع منه هذه الصراحة المتناهية حتى أخذ يزبد ويرعد ويصرخ ويتوعد، ثم نهض وهجم على عبده ومسكه من شعر رأسه وجلد به الأرض، وهو يجره جراً.

- لا بد يا بلال أن ترجع عن دعوة الاسلام، يا للعار والشنار.

وبلال يقابل هذا العقاب، وقلبه كزبر الحديد، لا يهاب قسوة الوحش، ولا يلين لبطشه، ولا ينهار أمام وعيده.

وبكل هدوء يخاطبه الانسان العبد المضرج بدمه: - يا أمية لا ترهق نفسك وأنت شيخ كبير، إن كل هذا أتحمله منك ولا أعود عما أنا قادم عليه إن دين اللّه هو الحق وان اللّه وحده لا شريك له وهو للظالمين بالمرصاد.

ويغشى على بلال من شدة التعذيب، فيتركه مولاه جثة تشخب الدماء منها، ونفَسه يكاد يجمد على منخريه فلا يتحرك أي جزء منه إلا نبضات قلب بطيئة الدق سريعة الإيمان.

وفي مجلس من مجالس قريش، وقد ضم الكثير من سراة القوم، يقبل على أمية بن خلف، شيخ قد هدمته السنون ليعانقه ويطبع على جبينه قبلة، ثم يلتفت إلى الجالسين وكأنه شعر بأن الجمع قد أكبر منه هذا الفعل.

يا قوم : إن أمية قد انتصر لآلهتنا اليوم، وردَّ كيد محمد وسحره.

وطافت على وجوه الجالسين علائم الدهشة والاستغراب وتعالت الأسئلة من كل جانب عن موقف هذا الرجل الذي انتصر للات، والعزى.

فسرد عليهم أمية بطولته مع بلال، وكيف تركه جثة أثقلتها الجراح، ويصعب عليه الحراك.

وشق على بعضهم أن يموت بلال، وهو لم يرَ من التعذيب إلا أقله، إن هذه الصفوة التي صبَت لدين محمد تشكل خطراً كلياً على هذه الجموع، وكان المشركون يتفننون في تعذيب هؤلاء المستضعفين ويصبُّون عليهم أقسى التنكيل، ومختلف العذاب. ولكن الأمر صار على العكس، فإن هذه المظاهر العدائية الحاقدة من المشركين كانت تبعث المسلمين الأولين إلى التفاني في مبدئهم وتحمل أنواع التعذيب دون التراجع عن عقيدتهم.

فالإيمان بالمبدأ إذا ما تركز في نفس الانسان تحمل في سبيله أي شيء، فلا يخيفه التعذيب، ولا يرهبه التنكيل، إنما العكس كل العكس في ذلك، فقد يزداد المرء صلابة، وثباتاً، ورسوخاً في عقيدته أمام كل هذه المظاهر العذابية.

وهذا ما نراه جلياً في أبطالنا الاسلاميين، أمثال بلال، فقد كان إيمانهم يزداد، وتفانيهم يتوقد كلما تحالفت قوى المشركين على تعذيبهم وإرهابهم، وكلما ساموهم أنواع الألم والأذى.

والتفت أحد الجالسين الى أمية بن خلف، مخاطباً : لو نرسل أحداً الى بلال فيستقصي لنا خبره هل مات، أم لا زال على قيد الحياة؟

وذهب الرسول بحمل آمال القوم في مصير بلال او خيبتهم ويرى الرسول بلالاً بعد حياً، فيسرع يزف البشرى الى أسياده وينفحهم بالخبر كأنه كل آمالهم، ويحفزهم عليه بكل ما يستطيع من لباقة.

لقد رأيته وهو مقوس الظهر في جذوة الشمس، وشفتاه تتمتمان بشيء لم أفهمه، وتقربت منه، وأدنيت أذني اليه، وعيناه لا تبصران من حوله فقد تجمد عليهما الدم. وسمعته يقول ويا لهول ما سمعت!!..

وتصاعدت الوجوه اليه، وحملقت العيون فيه، وامتدت الألسن كأنها تلوكه، ووجم عنترة من هذا المنظر، وماتت الكلمات في فمه.

وصاح به سيده وهو يكاد يتقطع من الغيظ : ماذا بك يا عنترة ولماذا لا تتكلم؟

وانطلق لسانه بعد صمت : لقد سمعته ويا لهول ما سمعت.

سمعته يرتل: يا اللّه يا رب محمد، يا رب الأرضين والسموات، وحدك وحدك لا شريك لك، ساعد محمداً على دعوته، وانجه من عذاب الظالمين، وقوِّنا على تحمُّل غضب أعدائك.. وما أن سمع عنترة ذلك حتى انعقد لسانه، وامتد الذهول الى الجالسين، ومرّت بهم لحظات كأنها السنين العجاف في ثقلها.

وأخرج أمية القوم من ذهولهم قائلاً: - يا إخوان ما رأيكم في هذا الحبشي أأقتله وأستريح ؟؟

- لا يا أمية لا تتعجل بقتله. إن في تأديبه لفائدة. تفنن في تعذيبه.

- دونكم الرجل فاعملوا به ما تشاؤون.

- لا نريد ان نتدخل بين العبد وسيده إنما نشير عليك.

فصاح أحدهم : ولماذا لا نتولى نحن مجتمعين تعذيبه بدلاً من أمية؟.. فالتفت اليه أحد الجالسين وهمس في أذنه: دعه يموت على يد صاحبه، كي لا نخسر قيمته.

وامتد بالجالسين الوقت حتى حانت الظهيرة، وقبل أن يتفرقوا اقترح البعض منهم ان يذهبوا مع أمية لمشاهدة بلال فلاقى هذا الطلب من نفس أمية كل الارتياح، ورافق الرجل بعض من القوم حتى إذا أشرفوا على بيوت أمية، ألفوا بلالاً ممدوداً في ظل جدار، مقوس الظهر من الألم.. وأشار أمية اليه. إنه بلال.

وتضاحك المشاهدون، وأكبروا بطولة أمية وحرصه على حفظ مجد آلهتهم.

ودارت الأيام خفافاً وتعقبها أيام، وإذا بأمية بن خلف تكون مهمته أن يخرج بلالاً كل يوم إذا حميت الشمس في الظهيرة ليطرحه على ظهره في رمضاء مكة، ثم يأمر بأن تحمل صخرة كبيرة عنده فتوضع على صدره، ثم يصرخ في جلاوزته: لا ترفعوها عنه حتى يموت او يكفر بمحمد، ويحيد عن دعوة الاسلام.

ويطول الانتظار بالمعذِّبين فلم يسمعوا من بلال الذي ملأ الإيمان قلبه ثقة واطمئناناً إلا هذه الآيات: (قل هو اللّه أحد، اللّه الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد).

ويزاد غيظ أمية ويتضايق من عبده، وكلما حاول أن يقتحم إيمانه وصموده فيقتله، يطلب منه أصحابه أن لا يعمد على فعلته، إنما يزيد في تعذيبه ليجعله عبرة للباقين.

وهيهات فالمسلمون أخذوا بالازدياد، وأصبح لا يرهبهم العذاب، ولا يخيفهم التنكيل، وأمر الرسول (صلى الله عليه وآله) بأن يفاتح أمية بن خلف في شرائه.

وتقدم بعض الصحابة المتمكنين الى أمية، واستوهبوه من مولاه إزاء مال وفير.

وأشرقت شمس الحرية على بلال، والرسول الأعظم يتعهده بعطفه وحنانه، وماذا بعد هذا فإذا هو بعد أيام مؤذن رسول اللّه، لا يفارق النبي الكريم في حله وترحاله.

وتزحف جيوش مكة على المدينة، ولم يمر على الهجرة عام ونصف عام فقد سمعت قريش أن محمداً قطع الطريق على قافلة لها عائدة من الشام بقيادة أبي سفيان، وروعهم أن يكون الغازي لمالهم وتجارتهم محمد.

وعلى بئر (بدر) - وهي على مقربة من المدينة - تقابل الجيشان لم تكن النسبة متقابلة بين الطرفين، لا في العدة، ولا في العدد.. فقد كانت قريش بجمعها ما يعد بألف أو يزيد عليه والمسلمون لم يتجاوزوا الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ويتقدم جيش المسلمين علي بن أبي طالب، وسعد بن معاذ، يحمل الأول راية المهاجرين والثاني راية الأنصار.

والتقى الجمعان في معركة ضارية، تساقط فيها الأبطال من قريش، وتناثرت قوتهم، ودب الذعر فيهم، بحيث لم يبصروا طريقهم من الخوف والهلع. وانتصر المسلمون في المعركة..

وتوزع المسلمون في الميدان يتعرفون على القتلى، وينقذون الجرحى ويمر عبد الرحمن بن عوف يحمل ما سلبه من القوم في طريقه إلى مضارب المسلمين إذ برجلين يلوذان بالقتلى، كي لا يبصر بهما أحد. ويرتفع نداء متقطع أثقله الهم، وأتعبه الجزع. يا عبد الرحمن، ويلتفت الرجل إلى مصدر الصوت فيلمح الرجلين ويقصدهما، ولما دنا منهما عرفهما: أمية بن خلف، وولده علي بن أمية - وكانت بينهما صداقة في الجاهلية - قال له أمية: هل لك فيَّ، فأنا خير لك من هذه الأنواع التي معك - وكانت بيده أدرع سلبها - قال: نعم، قال: نحن في حمايتك. فطرح ابن العوف الأدرع وأخذ بيد أمية وابنه، ومشينا، وأمية يقول : ما رأيت كاليوم قط.

واسترد أنفاسه، ومسح عينيه من الغبار الذي علق بهما وجال بنظراته الشاردة الى المعركة، ثم التفت إليّ وقال: من الرجل منكم المُعلم بريشة نعامة في صدره؟ قلت : ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال : ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل.

وهما بهذا الحديث، ووجهتهما مضارب المسلمين، إذ لمحوا بلالاً مقبلاً فاضطرب امية بن خلف، وبانت الصفرة على وجهه. هذا بلال الذي كان بالأمس يعذبه، فيلح في تعذيبه، ويقسو عليه فيتمادى في قسوته. وماذا سيكون مصيره معه الآن، ويعود فيُطَمئن نفسه أنه مع عبد الرحمن بن عوف شخصية له مكانة بين المسلمين فسيدفع عنه الموت.

ويقترب بلال من المقبلين، ويعرف أمية بن حلف وابنه فيصيح في وجهه : رأس الكفر امية بن خلف، لا نجوتُ إن نجوتَ، فيقول له ابن عوف : يا بلال انه أسيري، وحميته، قال بلال : لا نجوتُ ان نجوتَ. فاحتد عبد الرحمن، وصاح ببلال: أتسمع يا ابن السوداء أنهما في حمايتي، فلم يهتم لحديثه بلال بل صاح: يا أنصار اللّه، هذا رأس الكفر امية بن خلف. أنسيت أيها الظالم ما كنت تعمله بنا. كنت الى الرمضاء اذا حميت، فتضجعني على ظهري، ثم تأمر أن توضع الصخرة العظيمة على صدري، ثم تقول : هكذا تبقى، حتى تفارق دين محمد.. نسيت هذا يا ظالم، ولذت بابن عوف لينجيك من الموت. لا نجوتُ ان نجوتَ، وأحاط وجماعته بالأسيرين، يقول ابن عوف: وجعلونا في حلقة كالسوار، وأحدقوا بنا وأنا أذب عنهما، وأدفع وأصيح بهم احفظوا من حميتهم، ولكن دون جدوى.

فقد ضرب أحدهم بالسيف علياً فوقعت على رجله، فوقع مضرجاً، وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط، قال ابن عوف فالتفتُ إلى أمية وقلت له: أنج بنفسك، فواللّه ما أغني عنك شيئاً، ولكن الرجل ما كان يود مفارقة ابنه وهو يصارع الموت ولم تمض لحظة، حتى رأيت بلالاً يتهوى عليهما بالسيف، ويتناوبه اخوان من كل جانب، حتى قطعوهما، وأنا لا أملك شيئاً، وأمام النبي (صلى الله عليه وآله) وقف ابن عوف يقول: يرحم اللّه بلالاً ذهبت أدراعي، وفجعني بأسيري.

ويرمق النبي بلالاً، وهو يرفع يديه إلى السماء ويقول: (الحمد اللّه الذي ساعد بلالاً على أخذ الثار ممن عذبه).

وبقي بلال مجاهداً مع النبي في حروبه وغزواته.. وبعد أن لبى الرسول نداء ربه، انتقل بلال الى الشام، وبقي فيها حتى فارقت روحه الطيبة بدنه.

وهكذا سجل التاريخ صفحة عن بلال تزهو بالمجد والبطولة الإنسان الذي تحمل في سبيل عقيدته أنواع العذاب والأذى، حتى ازدهر الإسلام، وقويت كلمته، واندحر أعداء اللّه.
__________________

عبسي الحمديني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-10-04, 07:48 PM   #9
BLOODY ROAR
دكتور رابد
 
الصورة الرمزية BLOODY ROAR
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: ليبيا
المشاركات: 6,993
معدل تقييم المستوى: 21
BLOODY ROAR على الطريق الصحيح لتعريف نفسه
افتراضي

ياريت درت كل موضوع على حدى كان الموضوع حيكون اجمل او اوضح

مشكور باد بوى
__________________
BLOODY ROAR غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-10-05, 09:35 AM   #10
جليسة البحر
إن خانك من تُعزّ فلا تحزن
 
الصورة الرمزية جليسة البحر
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: سوق الجمعة
المشاركات: 2,799
معدل تقييم المستوى: 17
جليسة البحر على الطريق الصحيح لتعريف نفسه
افتراضي

بارك الله فيك

بجد احني محتاجين للتعريف بيهم والتعرف علي عصرهم
__________________



نعيش كالبحر .. ونموت وأعماقنا كأعماقه ..
لا يراها إلا من يجيد الغوص فيها كما يغوص الغواص في البحر
جليسة البحر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:49 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd